
سلطة الوالي و مسرحية الشكوى المتأخرة…عندما يتذكر المنتخب أزمته قبل جلسة المحاكمة
على بعد أيام قليلة من جلسة الاستئناف بمحكمة جرائم الأموال، وفي توقيت يثير أكثر من علامة استفهام، خرج أعضاء مكتب المجلس البلدي لكلميم في مشهد درامي يتباكون فيه على واقع الجماعة، متهمين الوالي بعرقلة تنفيذ المشاريع، ومعلنين أن ديون الجماعة تتجاوز 30 مليار.
توقيت مريب وذاكرة انتقائية
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: لماذا الآن تحديداً؟ لماذا هذا الانفجار المفاجئ من الشكاوى والتصريحات قبل موعد قضائي حاسم؟ هل نحن أمام محاولة لتوجيه البوصلة نحو جهة معينة، أم أن الأمر مجرد صحوة ضمير متأخرة؟
ما يثير الدهشة أكثر هو أن العديد من هؤلاء الأعضاء الذين خرجوا بهذه التصريحات ليسوا وجوهاً جديدة في المشهد المحلي. فقد كانوا أعضاء خلال ولاية محمد وعبد الوهاب بلفقيه، وكانوا على علم تام بمشكل المديونية منذ ذلك الحين. فأين كانت أصواتهم حينها؟ ولماذا تصمت الذاكرة عندما يتعلق الأمر بالمسؤولية المشتركة، وتصحو فقط عند الحاجة إلى توزيع الاتهامات؟
صراع قديم يُعاد تدويره
العلاقة المتوترة بين الوالي وبعض أعضاء المكتب ليست وليدة اللحظة، بل هي أزمة ممتدة في الزمن، جذورها تعود إلى اختلافات جوهرية في تدبير ملفات المشاريع التنموية. هذا الخلاف المزمن كان معروفاً للجميع، فلماذا يتم تقديمه الآن كما لو كان اكتشافاً جديداً؟
إن استحضار هذا الملف في هذا التوقيت بالذات يطرح أسئلة حول النوايا الحقيقية وراء هذه الحملة. هل الهدف هو فعلاً الدفاع عن مصلحة الجماعة والمواطنين، أم أن الأمر يتعلق بمحاولة لبناء سردية دفاعية قبل الموعد القضائي؟
مسؤولية مشتركة لا تقبل التجزئة
الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن أزمة المديونية وتعثر المشاريع هي نتيجة تراكمات سنوات من التدبير، شارك فيها جميع الأطراف. ومحاولة إلقاء المسؤولية على طرف واحد في هذا التوقيت المحسوب تعكس منطقاً انتهازياً بعيداً عن الشفافية والمصداقية التي يستحقها المواطنون.
المطلوب اليوم ليس المزيد من التصريحات الدرامية والاتهامات المتبادلة، بل مساءلة جادة وشفافة لجميع المسؤولين عن الوضع الذي وصلت إليه الجماعة. المواطن لم يعد يقتنع بمسرحيات التباكي التي تظهر فقط عند الحاجة إلى كسب تعاطف الرأي العام.
إن توقيت هذه الشكاوى وطبيعتها يجعلانها تفقد الكثير من مصداقيتها. فالأزمة ليست جديدة، والمسؤولون ليسوا جدداً، والحلول لم تُطرح بجدية من قبل. ما نشهده اليوم يبدو أقرب إلى استراتيجية دفاع استباقية منه إلى محاولة حقيقية لمعالجة المشاكل.
المواطنون بكلميم يستحقون أكثر من هذا. يستحقون شفافية كاملة حول كيفية وصول الجماعة إلى هذا المستوى من المديونية، ومن هم المسؤولون عن ذلك بالتحديد، وما هي الحلول الحقيقية المطروحة. أما استغلال الأزمات لتسجيل نقاط سياسية أو قضائية، فهو أمر لم يعد يُخدع به أحد.