زابيلا : فشل المنتخب ونجحت التفاهة بالجهة
وأنت تجلس والتفكير يزداد في حال وأحوال مكونات مجلس الجهة ، فيصادفك هذا يقدم نفسه معارض فيدون متهما تلك وترد هذه لتفند مزاعم ذاك ، فيما نتيه نحن بين هذا وذاك وتساءل نفسك :
ما السياسة بين هذا وذاك؟
وهنا تعود لتتحدث إلى ما يتوفر لديك من بعض كتب السياسية والفكر السياسي ، فيصادفك عند مدخل أصغرها حجما أن مفهوم السياسة يعني الشفافية في العمل والديموقراطية في القرار والصدق مع الساكنة في طرح البدائل وتقديم الحلول للمعضلات وتجاوز ما شكل على المواطن البسيط من صعوبات بالحلول والإقتراحات ، وليس ذلك المفهوم الذي يريد البعض أن يربينا على موضوعه ويقول لنا بكل وقاحة أن السياسة فن الكذب والخداع.
وزاد من هول صدمتي بعض المواقع والبروفايلات الفايسبوكية ومن كل حدب وصوب تتدافع كردة فعل بين منتخب ورئاسة مجلس لتبرر لنا إنحرافات السياسيين بغياب الرقابة والغدر وغيره من الصفات والمواصفات. فيما تجد آخرون يتدافعون ويبررون فعلة قوم لآخر بالقول: إنها السياسة، وكأن الترشح لمجلس إنتخابي يعني أن تكذب وأن تنحرف كما تشاء بما يخدم مصالحك الشخصية الخاصة بغض النظر عن مصالح الساكنة.
والخطير في الأمر أن هذا النوع من العمل في المجالس المنتخبة لعمري هو التفاهة في السياسة – رغم قسوة التوصيف والصعوبة الشخصية التي أجدها في استخدامه – ويجد تربته الخصبة في الخطابات الشعبوية لذا الجميع ، حيث يخرج الكل – وأحيانا دون سابق إعلام ولا حتى معرفة للب الموضوع- ويساندون هذا الطرف أو ذاك وبشكل شوفيني متعصب ومنهم من ينتصر لهويته الحزبية ومنهم من يحاول أن يعيد بعث أمجاد الماضي دون أن يعلم أنه يقتل الهوية الإنسانية التي تميز المواطن البسيط بهذه الجهة.
وإذا ما أسقطنا ذلك على مجلس الجهة برمته، سنجد أنه بدأ يتحول فعلا إلى مجال لبداية إنتاج التفاهة، وبدأ الجميع في إسباغ التفاهة على كل شيء. وتكمن الخطورة الحقيقية في كون هذه المهمة سهلة وممكنة التحقق بسلاسة دون أن يعلموا – لا الأغلبية ولا المعارضة- أنهم يتحكمون في مصير ساكنة الجهة ، ويسعون إلى وقف كل شيء إلى أجل غير مسمى ، وبذلك نحذر من إعادة السيناريو القديم ونزيد من هدر الزمن التنموي بجهة تقدمت كل شيء سلبي على المستوى الوطني.
وينتابني شخصيا شعورا – وإن كان في السياسة عكس العاطفة – عندما أبحث عن الأسباب الحقيقية لمثل هذه التفاهة أصدم كثيرا بمحاولة صعود بعض الشخصيات التي تحاول أن تتسيد المشهد سياسياً وإعلامياً ، ولا أعتقد أن ذلك يتم بالصدفة، وإنما هو مدروس من كلا الجانبين، حيث يحاول أن يتسيد المشهد منتخبون من هذا الفريق أو ذاك ، ومن وراء الأكَمَةُ يتوسع ويتغلغل الفساد ، ويصبح التافهون نجوم السياسة في الجهة.
نحن اليوم ، نعيش مرحلة تاريخية غير مسبوقة بمجال وادنون ، تتعلق بضعف البرامج التنموية وسيادة وسيطرة الفقر وغلاء الأسعار والبطالة ومشاكل الماء والجفاف والصحة والتعليم والبنية التحتية….
واليوم أصبحنا نلاحظ صعوداً غريباً بمجلس جهتنا لأفعال سياسية تتسم بالهشاشة والسطحية وغياب الأداء السياسي الرفيع ،وفي تدهور كامل لقواعد الترافع عن الساكنة ومطالبا وحاجياتها الأساسية في الإرتقاء بأوضاعها التي مازالت تراوح المكان من يوم شهدنا بعلم الانتخابات الخاص بهذه الجهة دون غيرها. هذا الوضع ولد لنا نخبا – إن لم يكن هناك وصف لآخر أقل- طارئة تريد أن تتسيد المشهد ، ولم أجد لها أية مرجعية فكرية ، إن لم يكن المال ، من ذوي البساطة الفكرية، للإفتاء والتنظير في كل شيء – وكل ذلك بحثا عن دعم ما أولفائدة شخصية ما.
فعلا لقد صح قول المفكر الكندي “ألان دونو ” عندما قال : “لقد صار الشأن العام تقنية إستهلاكية، لا منظومة قيم ومبادئ ومفاهيم عليا، وإختلط مفهوم المصلحة العامة مع المصالح الخاصة للأفراد”.
إن القيمة الحقيقية للمنتخب وكمبدأ اصيل ومتأصل لا تُقاس بالشهرة كمبدأ مترسخ في السياسة ، فإن الأمر عكس ذلك بجهتنا ، إذ تجد أنه كلما تعمق الإنسان في الإسفاف والابتذال، كلما إزداد جماهيرية وشهرة، وربما حفاوة لدى الناس.
والثابت أن ميل الناس إلى الاحتفاء بالهشاشة والسطحية لايستطيع أن يحقق أي إنتصار لوحده ، لكنه يصبح خطيرا عندما يتحد مع وسائل التواصل، التي تحاول دائما الدفع بالتافهين إلى أن يمسكوا بخطاب المشهد السياسي بجهتنا الموقرة.
ويبقى المطلوب من المنتخب السياسي أن يتقن فن اللعبة التي تجعل المبنيّ للمجهول معلوماً ومخطوباً وده من قبل المساكين والمقهورين، وأن تتوفر الإرادة للاستمرار في درب البناء والتنمية ، وليس أن تحاولوا أن تقنعونا بأن سفلة القوم هم أشرافهم.
ومع ذلك تبقى النتيجة : تستمر التفاهة السياسية في الإنتاج لتقنعنا في جهة كلميم وادنون ، بأن منتخبا أبكم قال لمنتخب أصم ،أن منتخبا أعمى شاهد منتخبا أكسح يلحق بمنتخب أبتر ليمنعه من جز شعر منتخب أصلع…. وسير على الله.
بقلم المختار زابيلا