كلميم وادنون…《بناء الانسان يأتي قبل بناء كل شيء》
للأسف الشديد لم نستطع أن نبني الإنسان في ظل منظومة متكاملة للقيم يستمد منها مرجعيته وقناعاته واختياراته بكل حرية.
ولعل مانعيشه اليوم في مجتمعنا خير دليل على ذلك، فكيف لا يجتمع ذوو العقول على المشترك بينهم بعيدا عن تعدد مشاربهم الثقافية والسياسية وحتى عن هواجسهم؟، فأن يعي الفاعل دوره جيدا معناه أن يضع المشترك فوق كل اعتبار بكل مسؤولية وتجرد، وأن ينخرط في كل المبادرات الخلاقة والهادفة إلى إنتاج هذا المشترك مراعاة للمصلحة العامة.
إن مانشهده اليوم على مستوى أغلب المجالس الترابية والدور الباهث لبعض المنتخبين فيها، هو أمر مخجل ولا يرقى إلى مستوى المسؤولية السياسية والتاريخية الموكولة لهم، حيث أن فرملة(بلوكاج) عمل المجالس ليس عملا مشرفا بل هو تافها ويعبر عن الاستهتار بمصالح الناس وكذلك هو استخفاف بوعي أو دون وعي بما استجد من مؤسسات وكذلك بالمكتسبات والاصلاحات التي حققتها الدولة في الشأن الترابي.. إن هذه التصرفات بلاشك تتعارض مع الرؤية الملكية حول تطوير النظام الجهوي بالمغرب والتأسيس للجهوية المتقدمة القائمة على المشاركة الفعالة للمنتخبين في مسلسل التحديث الديمقراطي لبلادنا لوضع كل المناطق على سكة التنمية المستدامة، لذلك يحتاج هذا الورش الهام نخبا مؤهلة قادرة على بلورة استراتيجيات للإقلاع التنموي المندمج والقائم على حسن تدبير شؤون البلاد والعباد.
إن المتتبع لشأن المجالس المنتخبة على صعيد جهة كلميم وادنون ومنها مجلس جماعة اسرير(أقصد هنا المتتبع المستقل لمجريات الامور، القادر على قراءة المشهد قراءة نقدية وواقعية) سيلاحظ بدون شك حجم العبث والمزاجية الصبيانية التي تتجلى في نهج سياسة البلوكاج وتعطيل عجلة التنمية، بعيدا عن مقاصد المعارضة البناءة القادرة على تقديم البدائل والتصورات وتحديد الأولويات المؤسسة على الحكامة الجيدة في التدبير وترشيد النفقات خدمة لتطلعات المواطنات والمواطنين، ومن المؤسف أن يبلغ الإسفاف درجة تدخل أياد وجهات متعددة تتبنى سياسة التحكم والإقصاء للهيمنة على عمل المجلس لا لشيء إلا لعدم توفق البعض في الظفر بمقاعد خلال استحقاقات 08 شتنبر2021 والبعض الآخر لم يحض بمغانم ريعية ألفها، أو إرضاء لنفسياتهم المريضة.. فتراهم كثيرو التنظير والكلام من أجل الكلام يحرصون على تزييف الحقائق، يعتبرون أنفسهم محور الدائرة ويعملون جاهدين لتغليط الرأي العام، يبخسون عمل البعض ويلمعون صورة البعض الآخر ويوزعون صكوك الغفران على آخرين منهم، في تلاعب خطير بسيكولوجيا الجمهور .. لكل هؤلاء نقول: اعلموا أنكم بعيدون عن الكمال الإنساني وأن الناس أحرار في توجهاتهم ولكل زاوية نظره وأن لا وجود للحقيقة المطلقة ولا لتقديرات صائبة تماما كما أن الاستراتيجية فعل جماعي في المستقبل لن تحقق أهدافها إلا بتظافر جهود الجميع كل حسب موقعه واستعداده وقناعته بالاشتغال ونكران الذات، على حساب الأنانيات المستعلية وذهنيات الصراع الفارغ. أما تكسيركم لمجاديف غيركم لن يزيد من سرعة قاربكم.